في الماضي كان الحديث عن الجنس
والمواضيع الجنسية يدور خلف أبواب مغلقة بسبب السرية ولكونه من المحظورات
التي عادة ما تسدل ستائرها السوداء على مجتمعنا، رغم أن الجنس هو أحد
الأنشطة الإنسانية، ولا تقتصر الحياة الجنسية على التفريغ الوظيفي الطبيعي،
لكنها تتضمن أيضا تدعيماً لمشاعر التفاهم والألفة والمودة.
ومصطلحات “الثقافة الجنسية” لا
يستطيع الكثير منا تقديم تعريف ملائم لها، بل قد يتجنب التطرق لمناقشتها
للإنطباع السائد لها في مجتمعاتنا العربية بأنها كلام يخدش الحياء ولا يجب
الخوض فيه بأي شكل من الأشكال، على الرغم من حقيقة أن التعرف على الثقافة
الجنسية عن قرب يسهم في المحافظة على جودة حياتنا التي تتحقق بها صحة الفرد
البدنية والنفسية.
ورغم أن الجنس والحديث عنه لا يزال
تابوهاً مقدساً ممنوع الإقتراب منه في مجتمعنا العربي، إلا أنه من الجدير
بالذكر ما كشفه الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المصري عن إرتفاع نسبة
الطلاق في مصر لتصل إلى أكثر من 75 ألف حالة طلاق فى عام 2012. وأشار
التقرير إلى وقوع حالة طلاق كل 6 دقائق، وأن هناك 88 ألف حالة طلاق تحدث كل
عام. ورصدت الإحصاءات 240 حكماً بالطلاق، تصدر كل يوم في محاكم الأحوال
الشخصية.
وطبقا لأحدث إحصاء سكاني تم إصداره
مؤخراً، فإن النسبة الأكبر من حالات الطلاق تقع بين المتزوجين حديثاً، حيث
تصل نسبة الطلاق في العام الأول 34% ، بينما تقل النسبة إلى 21.5 % خلال
العام الثاني من الزواج.
وتعد المشكلات الجنسية أحد أهم
أسباب الطلاق وانهيار الحياة الزوجية في مصر والشرق الأوسط. ورغم أن الطلاق
يكون في كثير من الحالات ترجمة عملية لعدم إهتمام الطرفين بأن يتمتعا
بحياة عاطفية أو جنسية سليمة، إلا إنه من النادر أن يذكر المطلقون أو من
يعانون من مشكلات في حياتهم الزوجية الأسباب الحقيقية وراء الانفصال، وعادة
ما يتخفون وراء أسباب مختلقة، مثل البخل، الملل والروتين أو سوء الطباع.
وكان قد أشارت الدراسات التي
أجرتها الجمعية العربية للصحة الجنسية، أن 98% من الرجال غير راضين بصورة
تامة عن حياتهم الجنسية في حين بلغت النسبة 96% لدى السيدات.
ونوهت التقارير العلمية إلى أن نحو
50% من الرجال في المرحلة العمرية ما بين 40 إلى 70 عاما، يتعرضون إلى
درجة ما من الضعف الجنسي المتمثل في ضعف إنتصاب القضيب، وأن 10% فقط ممن
يعانون من ضعف الإنتصاب هم من يطلبون مشورة طبية، إضافة إلى أن الرجل ينتظر
– في المتوسط – ما بين عامين إلى 5 أعوام قبل أن يقوم بزيارة الطبيب
المختص.
وقد تلعب العوامل النفسية دوراً في
ظهور أو تفاقم المشكلة، مثل جهل الزوج بالأوضاع الجنسية، الفشل في إيصال
الزوجة إلى مرحلة النشوة وخجله من السؤال للمعرفة، أو إحساس المريض بالخجل
المبالغ فيه من مرضه. لذا فإن الإسراع بإستشارة الطبيب، قد يكون أفضل السبل
في عدم تفاقم الحالة، خاصة من الناحية النفسية.
في الغالب، لا تكون المشاكل
الجنسية بسبب مرض عضوي ولكن قد تكون نتيجة تراكمات نفسيه أو ناتجة عن
الإجهاد والقلق، تراجع أو انعدام الرغبة الجنسية، إختلاف مستوى الرغبة
الجنسية بين الزوجين، أو عدم القدرة على المحافظة على هذه الرغبة أثناء
ممارسة العلاقة الجنسية، عدم القدرة على الإنتصاب عند الرجل أو سرعة القذف،
إنعدام حصول النشوة سواء عند الرجل أو المرأة، أو الشعور بالألم عند
المرأة بسبب تشنج عضلات المهبل.
لذا فإن المصارحة والحديث عن
المشاكل الجنسية بين الزوجين، وحلها بشكل منطقي ومعقول يعد بمثابة مفتاح
لإقامة علاقة جنسية قوية بينهما، لأن السكوت عن المشاكل الجنسية قد يهدد
الزواج، ويؤدي إلى الإنفصال.
ولكن كيف ومتى وأين يمكن الحديث عن المشاكل الجنسية؟
إن عدم كبت المشكلة الجنسية في
الداخل والإبلاغ السريع عنها يساهم في عدم سيرها باتجاه منعطف خطير، إلا
أنه يفضل عدم الحديث عن المشاكل الجنسية في سرير الزوجية، وعلى الأخص قبل
وقت قصير من إنخراط الزوجين في المعاشرة الحميمة. فهذا يؤثر على الرغبة
الجنسية؛ ما قد يؤدي إلى تقليلها بسبب الحساسية من هذا الموضوع.
ومن الضروري عدم الخلط بين المزاج
الشخصي والعلاقة الجنسية المشتركة بين الزوجين، والتحدث عن المشاكل الجنسية
عندما لا تكون هناك مشاكل أخرى أكثر تعقيداً، مثل غياب التفاهم، مشاكل
الأطفال، أو وجود أزمات أخرى كالوضع المالي الصعب.
ويُفضل أيضاً مناقشة تلك المشاكل
فى مكان ووقت محايد مثل أثناء تناول العشاء خارج المنزل، وحينها يجب تجنب
الإنتقاد والبدء بذكر النواحى الإيجابية في شريك الحياة، وعدم التركيز على
السلبيات، ثم الإشارة إلى الإحتياجات الجنسية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق